مكانة كتاب "المثقفون في الحضارة العربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد" ضمن المشروع الفكري للجابري
كتبه: إلياس الكشوري
من خلال العنوان يظهر أن هذا المقال يَقْرأُ عمَلَ الدكتور الجابري (المثقفون في الحضارة العربية: محنة ابن حنبل ونكبة ابن رشد)؛ ليسَائله عن المدى الذي تحقَّق فيه ما كتبه في تأليفه كَكُل وهل عكَس الكتاب ما توفر في المشروع بأكمله؟ وبعبارة أخرى تسَاءَلْنا هل كان هذا الكتاب صَدى آخر لِمَا توفّر في المشروع الفكري الكبير لهذا المفكر المغربي؟ ولأجل التحقق من هذا فقد حاولنا الوقوف عند بعضِ أبرزِ ما ميَّز مؤلفات الأستاذ الجابري في جانبها المتعلق أساسًا بالأدوات المنهجية المستعمَلَةِ في جُلِّ ما كتَبَه، وبالنظرِ في المفاهيم العلمية المُوَظّفة عنده، وفي الخلفية التاريخية المعتمدة في أعماله. هذا، وقد أعلنَّاها بدايةً، وقلنا: نعم إن الكتاب تجلٍ صريحٌ واستكمالٌ واضحٌ لِمَا توفَّر في الكتابات الأخرى للجابري. ولندلّل على كلامنا، فقد استقر اختيارنا على ثلاثة من الدلائل، وجدنا أنها تخترق بشكلٍ صريحٍ -أو على الأقل بشكل ضمني- كل ما كتبه هذا المفكر. وهي تباعًا، إعمَالُه لتقنية التَّبْيِئة، وإقرارُه بالاستمرارية -بدل الانفصال- بين التراث والعصر؛ ومواظبته على تقويض خرافة المركزية الأوروبية/الغربية. وإذن؛ هل شكَّل هذا الكُتيب مجردَ قوسٍ صغيرٍ فتحَهُ الفيلسوف على هامِش مشروعه، فكان مجرد استراحة فكرية كتَبَها الفيلسوف في لحظةِ تأمُّلٍ لا تزيد فائدةً ولا تُنْقِصُ شيئًا، سواء أُضيفَتْ أم انتُزِعَتْ من المشروع، أم أنّها استكمالٌ للمشروعِ ككل من خلال الانخراط في موضوعٍ "معاصرٍ" هو "سؤال المثقف"؟