الإنسان الكائن الثقافي بالطبع في العقل والنقل
كتبه: محمود الذوادي
تقدّم هذه الدراسة النظرية الجديدة والمتمثلة في نظرية البعد الثالث للإنسان أو الرموز الثقافية. فهذه الأخيرة هي تلك السمات/الرموز التي تميّز الجنس البشري عن غيره من الأجناس الأخرى. والرموز الثقافية عندنا هي المنظومة الثقافية التالية: اللغة المكتوبة والمنطوقة والفكر والدين والمعرفة/العلم والأساطير والقوانين والقيم والمعايير الثقافية. تؤكد هذه النظرية اعتماد على معطيات العقل وشهادة النقل أن عناصر البعد الثالث للإنسان مركزية في صميم هويّة بني البشر. ومن ثمّ، ينبغي أن يكون الاعتماد عليها ذا أولوية قُصوى بالنسبة للمتخصصين في العلوم الإنسانية والاجتماعية الذين يرغبون في فهم وتفسير سلوكيات الأفراد وحركية المجتمعات والتنظير حولها. نود في هذا البحث استكشاف مشروعية تسميتنا للإنسان كائنًا ثقافيًا بالطبع Homo Culturus قبل وبديلًا عن اعتباره كائنًا اقتصاديًا وسياسيًا واجتماعيًا كما ذهب إلى ذلك الكثيرون من نخب المفكرين الاجتماعيين؛ إذ إن هذه الصفات التي ركزوا عليها لم تكن لتوجد أصلًا دون البعد الثالث للإنسان. يساعد هذا الإطار الفكري/البردايم على تفسير ظاهرة العقول المتنوعة وفي طليعتها العقول العظيمة مثل عقل ابن خلدون.