أثر الرؤية الدينية في النقد الأدبي الغربي
مصطفى عطية جمعة
نناقش بُعدا مُهما في منهجية النقد الأدبي الغربي، هو أثر الرؤية الدينية في تشكيل العقل النقدي الحديث والمعاصر، وهي رؤية لا جدال في وجودها على امتداد تاريخ المذهبية الأدبية والنقدية الغربية.
أولا-الدين والنقد الأدبي في منظور المركزية الحضارية الغربية والتحيز الثقافي
عندما نناقش علاقة الدين بالنقد الأدبي، فإننا نلج إليه في ضوء نهج الدراسات الثقافية، التي لا تتعامل مع النصوص بوصفها نصوصا مجردة منعزلة عن بيئاتها الثقافية، بل بوصفها ممارسات خطابية تأتي إلينا على شكل أبنية نصية مرتبطة بالمعرفة والسلطة ومختلف القوى المؤثرة في تكوين الخطاب النقدي الغربي.
فيجب أن نولي اهتمامنا للمضمرات الدلالية الكامنة وراء الخطاب الأدبي بكل جمالياته الظاهرة، لأن هذا الخطاب الجمالي قد صنعه أشخاص انتموا إلى مؤسسات ساهمت في تشكيل الخطاب النقدي؛ لذا لا بد من إلقاء الضوء على علاقة المعرفة النقدية بالسلطة والمؤسسات الدينية. فإذا كان النص هو غاية الغايات في النقد الأدبي بحيث لا يُنظر إليه بمعزل عن الظواهر الأخرى ولا يُقرأ لذاته أو لجمالياته فقط، فإن النص يعامل بوصفه حامل نسق، وهذا النسق هو الذي يسعى النقد الثقافي إلى كشفه متوسلاً بالنص، فالنص مجرد وسيلة لاكتشاف حيل الثقافة في تمرير أنساقها، وهذه نقلة نوعية في مهمة العملية النقدية؛ ذلك أن الأنساق هي المراد الوقوف عليها، وليست النصوص..